نبذة عن حياة بعض شعراء المعلقات
صفحة 1 من اصل 1
27122011
نبذة عن حياة بعض شعراء المعلقات
وفيما يلي نبذه عن خمسة من هؤلاء ، مع ذِكر نماذج من شعرهم.
امرؤ القيس:
هو أبو الحارث جندج بن حجر الكندي ، اُمّه اُخت المُهَلهَل و كليب . ولد في نجد سنة 500 ميلادي، وعاش في اللهو ونظم الشعر، فطرده أبوه; فسمّي بالأمير الطريد ، فراح يتنقّل بين الأحياء فلقّب بالملك الضّليل.
أجمع النقّاد بأنّه شاعر وجداني وله المنزلة الاُولى بين الشعراء الجاهليّين، حيث قالوا في معلّقته (قِفا نبكِ) التي تتكوّن من ثمانين بيتاً : إنّه وقف واستوقف ، وبكى و استبكى ، وذكر الحبيب والمنزل في بيت واحد، فهو أوّل شاعر أطال الوقوف على الأطلال و بكى ، وإن كان قد سبقه الشاعر ابن جذام ; لذلك فإنّه أمير لهو وصيد و مغامرات وبطل متشرّد.
عندما سمع بمقتل أبيه قال : «ضيّعني أبي صغيراً، وحمّلني دمه كبيراً»، فودّع اللهو والترف ، فأخذ يستعدّ للمطالبة بالثأر.
وفاته:
لقد تفشّى في جسده داء الجدري وأودى بحياته سنة 540م.
و ترجم ديوانه إلى اللاّتينيّة والألمانية.
المختار من شعره
كان امرؤ القيس ذا نفس عاطفيّة شديدة الانفعال ، فشعره يمتاز ببديع المعنى ودقّة النسيب ومقاربة الوصف، فمعلّقته تحتوي على الهمّ والغمّ والبكاء على الحبيب ومنزل الحبيب، وفيه الغزل العفيف و الماجن ، وفيه وصف الليل ، خاصّة ونحن نعلم أنّ ابن البادية يزداد همّه في الليل ، فتلاحظ في شعره اللهو والذي يحزّ في قلب الشاعر صفة التشرّد بعد حياة الترف التي أدّت إلى أن يسكب الشاعر عبرات تسيل على أقواله الغزليّة لتطغى حرارة حسراته فيقول:
قِفا نبكِ مِنْ ذكرى حبيب ومنزل *****ِبِسِقْطِ اللوى بين الدخول فحومل
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها ***** وقِيْعَانِهَا كأنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ
كأَنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا ***** لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنْظَلِ
وقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ ***** يَقُولونَ لا تَهْلِكْ أَسىً وَتَجَمَّلِ
فَدَعْ عَنْكَ شَيْئاً قَدْ مَضَى لِسَبِيْلِهِ ***** وَلكِنْ على ما غَالَكَ اليْوْمَ أَقْبلِ
وَقَفْتُ بِها حَتَّى إذا ما تَرَدَّدَتْ ***** عَمايَةُ مَحْزُون بِشَوْق مُوكَّلِ
وَإنَّ شِفَائي عَبْرَةٌ إِنْ سَفَحْتُها ***** وَهَلْ عِنْدَ رَسْم دارس مِنْ مُعَوَّلِ
وقد يجمع امرؤ القيس في غزله وبوقت واحد المناجاة والعتاب والرجاء والذلّة والعزّة والرقّة، كما في قوله:
أفاطم مهلاً بعد هذا التَّدلّل ***** وإن كنت قد أزمعتِ صرمي فأجملي
أعزّكِ منّي أنّ حبكِ قاتلي ***** وأنّك مهما تأمري القلبَ يفعلِ
فقالت : يمين الله ما لك حيلةٌ ***** وما إن أرى عنك الغوايةَ تنجلَي
أمّا شعره في الخيال والطبيعة يقول:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ***** عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
فقلتُ له لما تمطّى بصلبه ***** وأردف إعجازاً وناء بكلكلِ
ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي ***** بصبح وما الإصباح منك بأمثل
فيا لك من ليل كأنّ نجومه ***** بأمراسِ كَتَّان إلى صُمِّ جَندَلِ
فامرؤ القيس في حياته وبعد مماته يُعدّ من كبار شعراء العرب وزعيم الشعر القديم.
و نلاحظه يصف الحياة بقوله:
مِكَرٍّ مِفرٍّ مُقبل مُدبر معاً **** كجلمودِ صَخْر خَطَّهُ السَّيلُ من عَلِ
عمرو بن كلثوم :
عمرو بن كلثوم بن مالك ، من بني تَغلُب ، اُمّه ليلى بنت المهَلهَل الشاعر.
وُلد عمرو بن كلثوم في مطلع القرن السادس للميلاد، وقيل: إنّه عاش مائة وخمسين عاماً، وكان فارساً شجاعاً معجباً بنفسه حيث «إنّه قَتلَ عمرو بن هند ملك الحيرة في عام 570م، العام الذي وُلد فيه نبيّنا(صلى الله عليه وآله)» ، وقيل: إنّه مات قبل الإسلام.
عمرو بن كلثوم شاعر مطبوع يقال: إنّ معلّقته كانت تبلغ مائة بيت، وكانت تدور على الحماسة والفخر والهجاء والمدح والغزل وذكر الخمر ومخاطبة الحبيبة و وصفها، حيث إنّه اشتهر بمعلّقته نظراً لحسن لفظها وانسجام عبارتها وغلوّ فخرها.
شرح معلّقته الزوزني والتبريزي، وطبعت سنة 1819م، وقد تُرجمت إلى اللاّتينيّة والألمانية والإنكليزية والفرنسية.
المختار من معلّقته:
مطلع المعلّقة في الخمر والغزل:
ألا هُبّي بصبحكِ فاصبحينا ***** ولا تُبقي خمور الأندرينا
قفي قبل التفرّق يا ظغينا ***** نخبركِ اليقين وتُخبرينا
وله في مخاطبة عمرو بن هند بالوعد والوعيد والفخر:
أبا هند، فلا تعْجَلْ علينا ***** وأنظرنا نخبرْكَ اليقينا
بأنّا نُورد الراياتِ بيضاً ***** ونُصْدِرهنّ حُمْراً قد روَينا
وأيام لنا غُرٍّ طوال ***** عَصَيْنا المَلْكَ فيها ان نَدينا
وَرِثْنا المجدَ قد علمت مَعَدٌ ***** نُطاعن دونَه حتّى يَبِينا
وأنّا المانعون لما أردنا ***** وأنا النازلون بحيث شيناً
ونشرب، إن وردنا الماء صفواً ***** ويشرب غيرنا كدراً وطيناً
على آثارنا بيضٌ حسانٌ ***** نحاذر أن تُقَسّم أو تهونا
تُهدّدنا و توعدنا رُويداً ***** متى كُنّا لاُمّكَ مُقتوينا
ألا لا يجهلنّ أحدٌ علينا ***** فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ومن شعره في الخيال الملحمي ، حيث يتّخذ الاُسلوب القصصي و التصوير الحسن حيث يقول:
ملأنا البرّ حتّى ضاق عنّا ***** وظهر البحر نملأه سفينا
لنا الدنيا ومن أضحى عليها ***** ونبطش حين نبطشُ قادرينا
إذا بلغ الفِطامُ لنا صبيٌّ ***** تخرّ له الجبابر ساجدينا
توفّي عمرو بن كلثوم عام 570م، وقيل 600 للميلاد.
زهير بن أبي سُلمى :
ولد زهير في الحاجر سنة 520م، وعمّر 90 عاماً، وقيل 97 عاماً، قضاها رزيناً حليماً ناصحاً بما فيه الخير والسلام محبّاً للحقّ.
وقد ذهب المؤرّخون بأنّه كان نصرانياً لما رأوا في شعره من النزعة الدينية والإيمان بالبعث والحساب، وأكثر من ذلك الموعظة للكفّ عن الأخطاء والرجوع عن سفك الدماء
وتوفّي زهير بن أبي سُلمى قبل مبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله)، أي قبل عام 610م.
أجمع النقّاد بأنّه لم يمدح أحداً إلاّ بما فيه، وبرعَ بالمديح ، حيث امتاز مدحه بالصدق، وكثرت الحكمة في شعره. كما و تتّصف قصائده بالتنقيح والتهذيب، حتّى زعموا أنّه كان ينظم القصيدة في أربعة أشهر ، وينقّحها في أربعة أشهر، ثمّ يعرضها على أصحابه في أربعة أشهر. فيتمّ قصيدته في حَوْل (عام كامل)، لذلك عُرفت قصيدته بالحوليّات.
المختار من شعر معلّقته:
فأقسمتُ بالبيت الّذي طافَ ***** رجالٌ بَنَوهُ من قريش وجُرهُمِ
يميناً لَنِعمَ السيّدان وُجدْتُها ***** على كلّ حال من سَحيل ومُبرمِ
نشبت حرب عُرفت بحرب داحس والغبراء دامت طويلاً، فقد حذر الفريقين (بنو أسد وغطفان) من شرِّ الخيانة وإضمار
الحرب ووصف نتائجها المشؤومة، فيقول:
الا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة ***** ًوذبيان: هل أقسمتم كل مُقسَمِ
فلا تكتمن الله ما في صدوركم ***** ليخفى ومهما تكتم الله يعْلم
وما الحرب إلاّ ما علمتم وذُقتمُ ***** وما هو عنها بالحديث المرجّمِ
متى تبعثوها تبعثوها ذميمةً ***** وتَضرّ إذا ضربتموها فتضرم
وممّا جاء في الحكمة:
ومن يجعل المعروف من دون عِرضه ***** يَفِرْهُ ومن لا يتّقِ الشتم يُشتم
ومن يجعل المعروف في غيرِ أهلهِ ***** يكُن حمدُهُ ذمّاً عليه ويَندمِ
لسانُ الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ***** فلم يبقَ إلاّ صورةُ اللحمِ والدمِ
هكذا كان زهير، كان قاضي صلح، يصدر أحكامه شعراً، فهو يصِفُ صديقاً إلى غايته، وهو وصّافاً ماهراً، حيث تأخذ قصيدته بالمقدّمة وبالموضوع والخاتمة.
وقد شرح ديوانه مرّات، وفي عدّة أقطار من العالم.
توفّي ابن أبي سلمى سنة 627 للميلاد.
طرفة بن العبد :
ولد طرفة بالبحرين سنة 543م. اشتهر بالوصف وخاصّة وصف الناقة بالاضافة إلى الهجاء والعتاب والشكوى والغزل والحكمة.
كان طرفة أقصر فحول شعراء الجاهلية عمراً، حيث قُتل وهو دون الثلاثين، ولطرفة أبيات في الحكمة يصوّر ظلم قومه كالسيف القاطع حيث يقول
وظلم ذوي القربى أشدُّ مضاضةً ***** على المرء من وقع الحسام المُهنَّدِ
ستُبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ***** ويأتيك بالأخبار من لم تُزوّدِ
ومن جيّد شعر طرفة في الهجاء:
وأعلمُ علماً ليس بالظنّ أنّه ***** إذا ذلّ مولى المرء فهو ذليلُ
وأنّ لسان المرء ما لم تكن له ***** حَصاة على عوراته لذليلُ
عنترة بن شدّاد :
ابن شدّاد العبسي، أحد فرسان العرب ممّن يضرب به المثل في الشجاعة
والنجدة. وُلد عنترة في نجد سنة 525م، واشتهر بالفخر والوصف والحماسة والغزل العفيف والمدح والرثاء، ومن آثاره ديوان شعره الذي يحتوي حوالي 1500 بيت، وفي معلّقته وصف ملحمي جميل بين الحبّ والحرب، وأشهر ما في معلّقته البالغة 79 بيتاً والتي مطلعها:
هل غادر الشعراء من مُتردّمِ ***** أم هل عَرَفْتَ الدار بعد توهُّمِ
ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ ***** مني وبيض الهِنْدِ تقطُرُ من دمي
فوددتُ تقبيلَ السيوف لأنّها ***** لَمَعَتْ كبارقِ ثغركِ المُتَبَسِّمِ
وله واصفاً شخصيّته:
إنّي امرؤٌ سمحُ الخليقة ماجد *** لا أتبع النفسَ اللجوج هواها
وعندما سُئل عن عبلة قال:
ولئن سألتَ بذلك عبلةَ خَبَّرتْ ***** أنْ لا اُريدُ من النساء سواها
المصدر : كتاب مراحل الأدب العربي
assma_rose-
عدد المساهمات : 378
نقاط : 911
تاريخ التسجيل : 27/12/2011
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى